حين يتحدث الحجر ويضيىء الماضي وجه المستقبل
بقلم : د . عبير العربي
- المتحف المصري الكبير "يروي 7آلاف عام من المجد".
في مشهد أسطوري يليق بعظمة التاريخ المصري، افتتحت مصر مساء أمس المتحف المصري الكبير، أكبر متحف أثري في العالم، في احتفالية عالمية جمعت بين سحر الحضارة القديمة وبهاء الحاضر الحديث.
كان الحدث أكثر من مجرد افتتاح، كان إعلانًا عن عودة مصر إلى موقعها الطبيعي كعاصمة للتراث الإنساني، ونقطة التقاء بين الماضي والمستقبل، بين العبقرية الحجرية القديمة والحداثة المعمارية المعاصرة.
رحلة حلم تحوّل إلى إنجاز.
منذ أكثر من عقدين، بدأ الحلم يتشكل في مخيلة المصريين، بناء متحف يليق بعظمة أجدادهم،ويضم آثارهم في إطار علمي وتقني حديث. واليوم، على بعد كيلومترات قليلة من الأهرامات، يقف المتحف المصري الكبير كأيقونة معمارية مهيبة تمتد على مساحة نصف مليون متر مربع، تحاكي في تصميمها خطوط الشمس ومسار التاريخ.
واجه المشروع مراحل من التحديات والتأجيلات، لكنه خرج للنور في زمن دقيق، ليثبت أن الإرادة المصرية قادرة على تحويل التأجيل إلى إنجاز، والصبر إلى حضارة.
احتفالية تليق بعظمة المكان.
شهد حفل الافتتاح حضورًا رفيع المستوى من قادة وزعماء ونواب دوليين من أكثر من سبعين دولة، إلى جانب وفود ثقافية وفنية عالمية، في مشهد استثنائي يليق بمصر صاحبة أول حضارة مكتوبة على وجه الأرض.
وتصدّر الرئيس عبد الفتاح السيسي الحفل، مؤكدًا في كلمته أن افتتاح المتحف "يمثل رسالة سلام وتنوير من مصر إلى العالم، بأن الحضارة لا تموت، بل تتجدّد في كل عصر".
تخللت الاحتفالية عروض فنية راقية جسدت فصولًا من التاريخ المصري، استخدمت فيها تقنيات الإضاءة ثلاثية الأبعاد والمؤثرات البصرية التي روت قصة الإنسانية من نقوش المعابد إلى نبض المستقبل.
اقرأ أيضاً
السفير التركي يشارك في افتتاح المتحف المصري الكبير
رئيس البرلمان العربي يُشيد بعظمة مصر في افتتاح المتحف المصري الكبير
محسن عليوة: عمالنا دائماً في قلب الحدث.. وافتتاح المتحف المصري الكبير إنجاز يعيد صياغة التاريخ برؤية عصرية
نجلاء العسيلي: كلمة الرئيس السيسي في افتتاح المتحف المصري الكبير وثيقة فخر ووعي وامتداد لمسيرة بناء الجمهورية الجديدة
البحيرة تشارك العالم لحظة الافتتاح أثناء بث مباشر لمراسم افتتاح المتحف المصري الكبير داخل مراكز الشباب والأندية
باحث اقتصادي: المتحف المصري الكبير نموذج متكامل للشراكة مع القطاع الخاص ودافع قوي للنمو الاقتصادي
توافد المئات من أبناء دمنهور على ميدان جلال قريطم لمتابعة البث الحي لافتتاح المتحف المصري الكبير وسط أجواء وطنية
أهالي رشيد تشارك العالم فرحة افتتاح المتحف المصري عبر شاشات عملاقة بالساحة الشعبية
رئيس كوم حمادة يشارك الأهالى فعاليات افتتاح المتحف المصري الكبير عبر شاشات العرض
المتحف المصري الكبير.. حين يتحدث التاريخ بلغة المستقبل
رئيس حزب “المصريين”: المتحف المصري الكبير أعظم حدث ثقافي في تاريخ البشرية
نشأت عبد العليم: المتحف المصري الكبير إنجاز يُثبت عظمة مصر في ظل توحد الرؤية والإرادة
محتوى يليق بعظمة الفراعنة.
يضم المتحف المصري الكبير أكثر من مئة ألف قطعة أثرية، من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصر اليوناني الروماني، أبرزها مجموعة الملك توت عنخ آمون التي تُعرض كاملة لأول مرة في مكان واحد.
كما يستقبل الزائر تمثال الملك رمسيس الثاني في البهو العظيم، في لقطة تجسد عبقرية المكان والمكانة، إذ يقف الملك شامخًا يرحب بزائري الحضارة المصرية من كل أنحاء العالم.
ولأول مرة، يقدم المتحف تجربة عرض تفاعلي باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والهولوغرام، تتيح للزوار "عبور الزمن" والتجول بين المعابد والمقابر كما لو كانوا يعيشون داخل التاريخ نفسه.
هندسة تتحدث بلغة الضوء.
جاء تصميم المتحف في حوار معماري مع الأهرامات، حيث تسمح واجهاته الزجاجية لأشعة الشمس بأن تخترق القاعات لتلتقي بخط الأفق الذي يربط الماضي بالحاضر.
وقد حصل المتحف على شهادة المباني الخضراء العالمية EDGE Advance، كأول متحف في إفريقيا والشرق الأوسط يحصل على هذا التصنيف، في تأكيد على أن مصر لا تكتفي بالماضي المجيد، بل تضع بصمتها في مفاهيم العمارة المستدامة الحديثة.
المتحف مشروع وطني حضاري.
افتتاح المتحف المصري الكبير لم يكن مجرد حدث أثري أو ثقافي، بل هو مشروع وطني في حد ذاته، هو تتويج لعقود من الجهد والإصرار، ورسالة من المصريين لأنفسهم قبل العالم، أن من بنى الأهرامات قبل آلاف السنين، قادر على أن يبني مجده الحديث بالحجر والعقل والعلم.
وبينما كانت الكاميرات تلتقط وجوه الزوار المبهورة أمام كنوز توت عنخ آمون وتمثال رمسيس، كان صوت مصر يعلو من جديد،
"نحن صُنّاع التاريخ، وحُماة الذاكرة، وحراس الضوء."
وأخيرا.
في لحظة افتتاح المتحف المصري الكبير، بدا وكأن عقارب الزمن توقفت احترامًا لمصر، حضارة تتحدث من جديد، وتُعلن أنها لا تزال على قيد الخلود، فالمتحف ليس مجرد مبنى من الحجر والزجاج، بل قصيدة كتبتها مصر لتُهديها للعالم، عنوانها، هنا بدأ التاريخ، وهنا يتجدّد.


