الإثنين 6 أكتوبر 2025 08:19 مـ 13 ربيع آخر 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

”زوجة رجل من مصنع الرجال”

في السادس من أكتوبر، حين تُرفع الرايات وتُستعاد الذكريات، لا نتذكر فقط صرخات النصر في الجبهة، بل أيضًا الهمسات الصامتة في البيوت… حيث كانت هناك نساء ينتظرن، يربين، ويدعين، ويقفن خلف الأبطال بثباتٍ لا يقل عن صلابتهم في الميدان.

إنها المرأة المصرية التي تنتمي إلى مصنع الرجال، والتي خُلقت لتكون شريكة في المجد وإن لم تحمل السلاح.

في أرضٍ لا تعرف الانحناء، خُلِق الرجال من صخر الجبال، وشُكّلت قلوبهم من نيلٍ لا يجف، وسماءٍ لا تنحني إلا لخالقها.

في مصر، لا يُولد البطل صدفة، ولا تُصنع البطولة في الكتب، بل تُروى بالدم، وتُحفَر في ذاكرة وطنٍ يعرف كيف يحوّل الألم إلى مجد، والخوف إلى انتصار.

اقرأ أيضاً

من هنا، من أرض الكنانة، يخرج كل يومٍ رجلٌ من مصنع الرجال، يحمل على كتفيه شرف العسكرية المصرية، وفي قلبه وصية الوطن: احمِ الأرض، ولو بروحك.

وراء كل بطلٍ يقف ظلّ من نوعٍ خاص، ظلّ امرأةٍ لم تمسك سلاحًا، لكنها خاضت معركتها في الصبر، وفي الانتظار، وفي الدعاء.هي التي لم تُنادَ باسمها يومًا، بل بصفةٍ تشرفها وتُشرّف كل مصرية بعدها:
كونها زوجة رجل من مصنع الرجال.

تعيش تلك المرأة حياةً مختلفة، لا تُقاس بالأيام والسنوات، بل بالمواقف وحدها، ففي بيتها، النظام عقيدة، والانضباط أسلوب حياة، والانتظار مدرسة تتخرّج فيها كل يوم بدرجة جديدة من الصبر، تعرف أن الطريق ليس سهلاً، وأن الغياب جزء من الحكاية، لكنها تتقن فنّ الثبات، لأن قلبها وطنيّ لا يعرف التراجع، تتذكر كلماته التي تتردد في ذاكرتها كلما هزّها الحنين:

"الانتماء للجيش المصري مهنة لا تنتهي بالوقت، بل تبدأ حين نخلع الزيّ، لأننا نحمله في أرواحنا لا على أكتافنا."

كانت تلك الكلمات دستورًا لحياتها، وإيمانًا لا يزول بأن الانتماء للوطن لا يُحال إلى التقاعد، وأن العقيدة الوطنية ليس لها وقت صلاحية، وأن رجال القوات المسلحة يعطون رسائل معلنة أن المهمة مستمرة ولن تنته، فأيقنت أن زوجها حين يعود إلى بيته، لا يخلع روح الجندية، بل يزرعها في أبنائه، في حديثه، في تفاصيله، في تلك النظرة الصامتة التي تقول دون كلام: حب الوطن عبادة، لتكون دوما محل فخر أنها زوجة ضابطٍ مصري، ينتمي إلى جيشٍ لا يعرف سوى النصر، جيشٍ هو درع الأمة وسيفها، تفتخر لأنها شاركته الرسالة دون أن ترتدي بدلته، وحملت معه عبء المسؤولية دون أن تظهر في الصفوف الأولى، تعرف أن التضحية لا تكون فقط في ساحات القتال، بل أيضًا في البيوت التي تحرس الدعاء، وفي القلوب التي تزرع الأمل كلما اشتدّ الخوف، إنها امرأة تحمل في صمتها بطولة، وفي صبرها مجدًا، وفي حبها للوطن معنى يتجاوز حدود الكلمات.

كلما سمعت النشيد الوطني، رفعت رأسها عاليًا، لأنها تعرف أن في كل نغمةٍ منه صدى لخطى الرجال الذين اختاروا الشرف طريقًا، والموت في سبيل الوطن حياةً.

وهكذا تبقى زوجة رجل من مصنع الرجال رمزًا خفيًّا من رموز الوطن،
امرأة لا تُذكر في بيانات النصر، لكنها تسكن في كل سطرٍ من تاريخ المجد،
لأنها نصف المعادلة التي لا تكتب، لكنها تصنع الصلابة في قلب المقاتل.

ستبقى مصر بخير ما دام في أرضها من يحمل السلاح بإيمان، ومن ينتظر خلف الباب بصبرٍ ورضا، وما دام في سمائها من يرفع رأسه فخرًا بجيشٍ لا يعرف الهزيمة، وشعبٍ لا ينسى أن الحرية لها ثمن، وأن الكرامة تُصان بالدم لا بالكلمات.
سلام على رجال جاء حديثهم الخاص في بيوتهم عن شرف العسكرية المصرية، وعن دور رجال القوات المسلحة وعن لا صوت يعلو فوق صوت النداء، وأن التلبية عزة، وأن الطاعة كرامة، وأن الشهادة شرف وغاية.

سلامٌ على رجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وسلامٌ على نساءٍ حفظن العهد، وأضأن الدرب حين غابت الأضواء.

سلامٌ على مصر، على الوطن الذي لا ينكسر، ما دام في قلبه رجال من مصنع الرجال، وما دامت فيه زوجة تفتخر بأنها من بيت البطولة، تحمل في عينيها الإيمان، وفي قلبها علم مصر… لا يسقط أبدًا، وأن زوجها نال شرف الإنتماء الذي حمله في قلبه وزين به جبينه وكتفه ووضعه بين كفيها فحملته نبراسا وتاجا على رأسها.

القوات المسلحة انتصارات السادس من أكتوبر