الجمعة 26 سبتمبر 2025 12:00 صـ 2 ربيع آخر 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

خالد مصطفى يكتب: الدكتور مجدى يعقوب ملك القلوب ابن أنشاص الرمل

الدكتور مجدي يعقوب واحد من أبرز وأشهر جراحي القلب في العالم ولُقب بملك القلوب وُلد في 16 نوفمبر 1935 بقرية أنشاص الرمل مركز بلبيس بمحافظة الشرقية في مصر لأسرة متواضعة كان الأب فيها طبيبا يجوب القرى لعلاج الناس حيث لم تكن طفولته عابرة فقد تركت وفاة عمته الشابة بمرض في القلب جرحا عميقا في نفسه فتحوّل الألم إلى حافز جعله يقرر منذ صغره سأكرس حياتي لإنقاذ القلوب وقد عاهد نفسه ان يجعل من شرايين القلب رسالة عمره فلم يكن يعلم أن قدره سيكون هو من يُعيد الحياة لقلوب توقفت وأن يُصبح اسمه في يوم من الأيام مرادفا للأمل فقد غرس والده فيه حب مهنة الطب اما عن والدته السيدة تريزا التى كانت محبة لأنشاص كونت العديد من الصداقات خلال فترة تواجدها فى أنشاص وكانت جدتى السيدة فاطمة محمد بدوى ابو خضرة هى المقربة لقلب السيدة تريزا حتى أنها هى التى اختارت إسم والدتى وكان للسيدة تريزا اثنين من المساعدات سيدة من المنيل والأخرى من البلد ومن النوادر بين جدتى والسيدة تريزا أنها أوصت بأن تسمى أمى عند ولادتها وهذا ماحدث بالفعل أما عن البيت الذى وُلد فيه الدكتور يعقوب فكانت له علامة مميزة نتذكرها منذ ان كنا صغارا فكان على واجهة البيت تمثال لأسد وكأنه كان حامياً لمنزل وُلد فيه أعظم نابغة طبية فى العالم وكان تحديد مواجها لمقهى المرحوم حسين همام بحى انشاص المحطة وهو يقع ضمن أملاك عائلة المولد تخرج يعقوب من كلية الطب بجامعة القاهرة ثم شد رحاله إلى بريطانيا حيث اصطدم بعالم من التحديات لكنه أثبت بموهبته الفذة وصبره النادر أنه ليس مجرد طبيب وافد بل عقل مختلف سيغير قواعد اللعبة في جراحة القلب فكان يحمل في حقيبته علما وشغفا وأحلاما أكبر من كل الحدود فهناك لم يكن الطريق مفروشا بالورود لكونه شاب مصري وجد نفسه في بيئة لا ترحم لكن عزيمته جعلته يتفوق حتى أصبح من أعظم جراحي القلب في العالم في حيث لمع اسمه حين أجرى عمليات زراعة قلب ناجحة هزت الأوساط الطبية ومنحت مرضى ظنوا أن النهاية قد اقتربت فرصة جديدة للحياة عندها منحه العالم لقب ملك القلوب في العاصمة البريطانية لندن صعد نجمه بسرعة حتى أصبح من العظماء فى مهنة الطب والعملية كانت الاولى والفريدة من نوعها حينذاك حيث قام يعقوب بأول عملية زراعة القلب في العالم حين أجرى عام 1980 عملية زرع قلب لديريك موريس دوّى اسمه بعدها في الصحافة العالمية لأن المريض عاش أطول فترة بعد عملية زراعة قلب في أوروبا من هناك صار يُلقب بملك القلوب لكن عظمة مجدي يعقوب لم تكن فقط في مهارته الجراحية بل في إنسانيته فلم تغره الشهرة ولا أموال الغرب فعاد إلى مصر ليؤسس في أسوان مركز مجدي يعقوب للقلب وفتح أبوابه مجانا للفقراء وخصوصا الأطفال حيث جعل من الطب رسالة لا مهنة ومن الجراحة بابا للأمل لا مجرد إنقاذ لحياة مريض نال يعقوب لقب سير من ملكة بريطانيا عام 1992 وكرّمته مصر والعالم بعشرات الجوائز لكن التكريم الأسمى ظل في عيون المرضى الذين عادوا للحياة بفضل يديه وفي قلوب الآباء الذين ابتسموا حين عادت قلوب أبنائهم تنبض من جديد فاليوم يُعد مجدي يعقوب رمزا عالميا يجمع بين العلم والرحمة وبين العبقرية والتواضع إنه دليل حي على أن ابن قرية انشاص يمكن أن يصل إلى قمة المجد إذا جمع بين الحلم والعمل لأن عبقرية مجدي يعقوب لم تتوقف عند مشرط الجراحة بل امتدت إلى ما هو أعظم الرحمة لم ينس جذوره ولم تغره قاعات المؤتمرات ولا تكريم الملوك فوجوده فى مصر حاليا ماهو إلا رسالة مضمونها أن الطب ليس تجارة بل عهد مع الإنسان على الرغم من انه نال من الدنيا كل أوسمة الشرف لكن كل هذه الأوسمة تتضاءل أمام دمعة فرح في عين أمّ عاد طفلها للحياة أو ابتسامة مريض استعاد نبضه فهو الذى جمع بين العلم والإبداع والإنسانية وما زال إرثه الطبي والإنساني مؤثرا حتى اليوم ولعقود قادمة وإليكم محطات هامة فى حياة الدكتور يعقوب درس الطب في جامعة القاهرة وتخرج عام 1957 حصل على زمالة كلية الجراحين الملكية في لندن وهو ما فتح أمامه الأبواب لبدء مسيرة علمية مميزة برز اسمه عالميا في السبعينيات والثمانينيات عندما أصبح رائدا في عمليات زراعة القلب عمل كأستاذ لجراحة القلب في مستشفى هارفيلد وكلية إمبريال كوليدج بلندن وأسس مدرسة ساهمت فى تخريج جراحين عالميين وكان من أوائل من ابتكروا طرقا جديدة في إصلاح وتشخيص العيوب الخلقية للقلب وشارك في تطوير صمامات صناعية وتقنيات حديثة للجراحة لم يكتفى بالعمل في أوروبا وأمريكا بل أسس مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب في أسوان بمصر عام 2009 لتقديم العلاج المجاني وخاصة للأطفال وقد ساهمت مؤسسته في تدريب أطباء مصريين وأفارقة لتخريج أجيال جديدة من جراحي القلب بجانب حصوله على لقب سير (Sir) من ملكة بريطانيا عام 1992 تقديرا لإسهاماته الطبية نال عشرات الجوائز العالمية مثل جائزة فخر بريطانيا عام 2007 وجائزة مؤسسة جوسلين دي بيري وكرمته مصر والعالم العربي عشرات المرات إن قصة مجدي يعقوب ليست سيرة طبيب فحسب بل حكاية إنسان آمن أن القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم بل وعاء للرحمة والأمل والحب ومن قلب أنشاص كتب لنفسه مكانا خالدا في سجل الخالدين