خالد مصطفى يكتب: 7 أكتوبر نكبة فلسطينية أم إسرائيلية

هذا اليوم ليس مجرد تاريخ عابر في سجل الصراع العربي الإسرائيلي بل يمكن اعتباره نقطة فاصلة غيرت مسار القضية الفلسطينية وفتحت الباب لسيناريوهات جديدة بعضها يحمل بارقة أمل وبعضها ينذر بمخاطر غير مسبوقة
ففي هذا اليوم تهاوت الكثير من المسلّمات التي بُنيت عليها رؤية الاحتلال الإسرائيلي لنفسه كقوة لا تُقهر واهتزت صورة الدولة الآمنة أمام العالم. في المقابل دخلت القضية الفلسطينية مرحلة جديدة أكثر تعقيدا إذ لم تعد مجرد نزاع محدود بل تحولت إلى ملف دولي ضاغط يفرض نفسه على كل العواصم الكبرى
7 أكتوبر هو اليوم الذي يمكن وصفه بأنه الزلزال الأكبر في مسيرة الصراع ليس لأنه حدث عسكري فحسب بل لأنه لحظة قلبت الطاولة على الجميع وأعادت رسم خرائط المنطقة وفتحت الباب أمام أسئلة كبرى عن مصير القضية الفلسطينية هذا اليوم كشف هشاشة الرواية الإسرائيلية التي بُنيت على أسطورة الجيش الذي لا يُهزم وأسقط وهم الأمن المطلق الذي كان الاحتلال يروّج له للعالم لكنه في الوقت نفسه دشّن مرحلة بالغة الخطورة حيث تحول الدم الفلسطيني إلى مادة للتفاوض والابتزاز وأصبح شبح التهجير القسري واقعا يُطرح على الطاولات الدولية بلا خجل
7 أكتوبر لم يكن مجرد يوم عادي في تقويم الصراع بل هو اللحظة التي دوّت كالرعد في سماء الشرق الأوسط فانكشفت الحقائق وسقطت الأقنعة وبدأ فصل جديد في ملحمة القضية الفلسطينية لكن المفارقة المؤلمة أن هذا التحول بدل من أن يفتح أفقا للحل العادل قد يكون بداية النهاية الحقيقية للقضية الفلسطينية كما عرفناها لأسباب عديدة أهمها تصاعد دعوات التهجير القسري وطرح سيناريوهات ترحيل الفلسطينيين إلى الخارج توظيف معاناة غزة سياسيا لإعادة صياغة خريطة الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية انقسام المواقف العربية والدولية بين من يرفض التهجير والعدوان ومن يلتزم الصمت أو يساير الضغوط ومحاولة لطمس الهوية الفلسطينية عبر حرب شاملة
لا تستهدف الأرض فقط بل الإنسان والذاكرة والمستقبل لقد أراد الاحتلال أن يجعل من
7 أكتوبر بداية النهاية لفلسطين عبر حرب شاملة لا تفرّق بين بشر وحجر تدمر المدن وتقتلع الناس من أرضهم وتستهدف الذاكرة والهوية ووجد في الانقسام العربي وفي التواطؤ الدولي فرصة ذهبية لتمرير مخططاته
لكن الحقيقة التي لا يستطيع الاحتلال ولا حلفاؤه طمسها أن 7 أكتوبر قد يكون بداية النهاية للوهم الإسرائيلي نفسه لقد أعاد الفلسطينيون بدمائهم وصمودهم المعنى الحقيقي للقضية وأثبتوا أن فلسطين ليست ملفا تفاوضيا على مائدة القوى الكبرى بل قضية وجود وهوية وعدالة إنسانية قد يحاول البعض إغلاق الملف الفلسطيني تحت أنقاض غزة لكن التاريخ
لا يُكتب بالقنابل بل بإرادة الشعوب وما دام هناك فلسطيني يقاوم وأمة عربية ترفض التهجير والتصفية فإن 7 أكتوبر لن يكون نهاية القضية الفلسطينية بل بداية فصل جديد يعيدها إلى صدارة الوعي العالمي كأعدل قضية على وجه الأرض منذ عقود فقد حاول الاحتلال أن يرسّخ أسطورة الجيش الذي لا يُقهر والدولة التي تعيش في أمان مطلق فجاء السابع من أكتوبر ليكسر هذه الأسطورة إلى أشلاء وليثبت أن الاحتلال مهما امتلك من سلاح وتقنية يبقى هشّا أمام إرادة شعب يقاتل من أجل أرضه وكرامته لكن في المقابل كان هذا اليوم بداية أخطر معركة تواجهها فلسطين منذ النكبة فالمخطط الصهيوني بعد 7 أكتوبر لم يعد يكتفي بالاحتلال بل صار يستهدف اقتلاع الإنسان الفلسطيني ذاته وتهجيره من أرضه وطمس هويته وإغلاق ملف قضيته نهائيا ولذلك يمكن اعتباره البداية الحقيقية لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية عبر حرب شاملة تتجاوز حدود غزة لتضرب جوهر الوجود الفلسطيني
غير أن الاحتلال وأعوانه غفلوا عن حقيقة راسخة وهى أن الدم لا يُلغي القضايا بل يوقظها وأن التضحيات لا تطوي الصفحات بل تكتبها من جديد لقد أعاد 7 أكتوبر فلسطين إلى صدارة المشهد العالمي وجعل الملايين في الشرق والغرب يعيدون اكتشاف أن هناك شعبا محاصرا منذ أكثر من سبعين عاما لم ينكسر ولم يستسلم فهم أرادوا أن يجعلوا 7 أكتوبر نهاية فلسطين فإذا به بداية النهاية للوهم الإسرائيلى
وأرادوا أن يُطفئوا شعلة المقاومة فإذا بها تشتعل في الضمير العربي والإسلامي والعالمي بل وأرادوا أن يُنهوا القضية بالدمار فإذا بهم يُحيونها في كل شارع وميدان ومنبر فلسطين بعد 7 أكتوبر ليست أضعف بل أكثر حضورا وصلابة والاحتلال بعد 7 أكتوبر ليس أقوى بل أشد خوفا وتصدعا والعالم بعد 7 أكتوبر لم يعد كما كان لأن الحقيقة خرجت إلى العلن والحقيقة لا تموت ومع ذلك فإن الشعوب أثبتت أن القضية لم تمت وأن 7 أكتوبر قد يكون بداية النهاية للوهم الإسرائيلي
لا للقضية الفلسطينية نفسها إذا ما تم استثمار الدماء والتضحيات في إعادة إحياء مشروع وطني موحد يعيد الاعتبار لفلسطين كقضية تحرر وعدالة إنسانية
إن 7 أكتوبر ليس النهاية بل بداية كتابة التاريخ من جديد تاريخ يُسقط مقولة فلسطين قضية منسية ويؤكد أن الأرض التي تنبت الشهداء
لا يمكن أن تُباع، وأن قضية بهذا العدل وهذا النقاء لا يمكن أن تموت