من الرؤية إلى الواقع: كيف تضخ 22 مليار ريال الحياة في شراكة ”بيبان” و”TOURISE؟
سامر خالد شقير (Samer Choucair) أحد أبرز روّاد الاستثمار الاستراتيجي في المنطقة، وهو مستثمر فائق الثروة (UHNW)، عُرف بدوره في تطوير المنظومات الاقتصادية الحديثة وبناء الجسور بين التمويل والابتكار وريادة الأعمال. يمتاز شقير برؤية استباقية تربط بين التحولات الاقتصادية الكبرى وتطبيقاتها العملية في الأسواق المحلية والإقليمية، مما جعل تحليلاته وكتاباته مرجعاً للمهتمين بمستقبل الاستثمار في المنطقة.
إذا كان مقالنا السابق قد رسم ملامح النموذج السعودي الجديد القائم على التكامل بين بيبان كـ مصنع للابتكار وTOURISE كـ سوق للتجارب، فإن حصيلة ملتقى بيبان 2025 البالغة 22 مليار ريال هي الإعلان الرسمي عن تشغيل هذا المصنع بكامل طاقته. هذا الرقم ليس مجرد حصيلة اتفاقيات، بل هو الأكسجين المالي الذي سيحوّل الأفكار الريادية إلى شركات قادرة على تلبية متطلبات المستقبل الذي يصممه قطاع السياحة.
ما فعلته منشآت في هذا الملتقى يتجاوز مجرد التنظيم؛ إنه هندسة مالية لاقتصاد المستقبل. حين ننظر إلى تفاصيل الـ 22 ملياراً، لا نرى قروضاً عشوائية، بل نرى تمويلاً موجهاً واستراتيجياً. اصطفاف كبرى البنوك السعودية – من بنك الرياض ومصرف الراجحي إلى العربي والإنماء والجزيرة والفرنسي والأهلي وبنك البلاد – ليس مجرد مشاركة، بل هو إعلان بأن القطاع المالي بأكمله يضع ثقله خلف رؤية 2030 لتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
والعبقرية الحقيقية تتجلّى في تجاوز التمويل البنكي التقليدي. الاتفاقيات المبرمة مع أرامكو السعودية (عبر برنامج طموح) تربط هذه المنشآت بأكبر سلسلة إمداد صناعية في المملكة. في الوقت ذاته، يضمن الاتفاق مع بنك التنمية الاجتماعية البُعد التنموي والاجتماعي لريادة الأعمال. أما شراكة أكاديمية ريف فتوجّه الابتكار نحو قطاع حيوي واستراتيجي: الأمن الغذائي والزراعة. منشآت هنا لا تموّل فقط، بل تبني نظاماً بيئياً متكاملاً يضمن للشركة الناشئة التمويل، والعملاء (أرامكو)، والدعم الاجتماعي (بنك التنمية)، والتخصص (ريف).
وهنا يعود التكامل مع TOURISE إلى الواجهة. قطاع السياحة الضخم، الذي يهدف إلى استقبال 150 مليون سائح، لا يمكن أن ينجح بالاعتماد على الفنادق العالمية فقط. يحتاج القطاع إلى آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة المبتكرة في مجالات التقنية، وتجارب الضيافة الفريدة، والخدمات اللوجستية الذكية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تخدم أنسنة التجربة السياحية.
اقرأ أيضاً
خليل حسن خليل بالجلسة الافتتاحية لـ قمة تكني ساميت 2025 : مصر تمتلك المقومات لتصبح مركزًا إقليميًا لريادة الأعمال والتكنولوجيا
أحمد الظاهر: مصر تمضي بخطى واثقة نحو تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار وريادة الأعمال
قمة ”التقرير السنوى لريادة الأعمال 2025” تناقش دور الثقافة المؤسسية في نجاح واستدامة الشركات
”انطلاق” تقوم بإطلاق النسخة الثالثة من التقرير السنوي لقطاع ريادة الأعمال المصري 2025 في الجونة التابعة لأوراسكوم للتنمية
الرياض في طريقها لتكون عاصمة الابتكار المالي في الشرق الأوسط – رؤية سامر شقير
ختام قمة ريادة الأعمال بالتعاون بين "بحوث الإلكترونيات" و"Edafa Venture Capital"
محمد رمضان: السيسي يقود تحولاً جذريًا في مناخ الاستثمار ودعم غير مسبوق لريادة الأعمال
رئيس جامعة القاهرة: مؤتمر ريادة الأعمال يرسم رؤية الدولة في أفريقيا
كابجيميني ومركز ريادة الأعمال والابتكار في الجامعة الأمريكية بالقاهرة يطلقان ”ديجيتيل مصر” لتمكين النساء بمهارات الذكاء الاصطناعي والتسويق الرقمي
“الجبهة الوطنية” تختار إيمان هاني أمين سر أمانة ريادة الأعمال بالمركزية
مشروع تخرج بإعلام القاهرة يدعم ريادة الأعمال في مصر
جامعة القاهرة تكرّم رواد أعمالها في أول قمة لريادة الأعمال بعد نجاحهم في جمع 150 مليون دولار
الـ 22 مليار ريال هي الاستثمار المباشر في المزوّدين المحليين الذين سيقدمون هذه الخدمات، محوّلين المشاريع السياحية الكبرى من مجرد أصول إلى تجارب حية.
ما نشهده ليس فقط نجاح ملتقى، بل هو نضج لاستراتيجية رؤية 2030. لقد انتقلنا من رسم الرؤية إلى بناء الآليات. بيبان لم يعد مؤتمراً، بل أصبح بورصة للأفكار والتمويل، وTOURISE هو السوق الذي تنتظره مخرجات هذه البورصة.
الـ 22 مليار ريال هي ببساطة الجسر الذي يربط بين الاثنين، وهو البرهان على أن الرياض لا تخطط للمستقبل فحسب، بل تموّل بناءه اليوم.
وحين تموّل الرياض بناء المستقبل، فإنها لا تكتب التاريخ، بل تصممه.

