الأربعاء 10 سبتمبر 2025 02:45 صـ 16 ربيع أول 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

تحذير أبوظبي ”خط أحمر” يضع تل أبيب في اختبار حقيقي ويعيد الزخم للقضية الفلسطينية

في تطور لافت، حمل رسائل صريحة لم تعهدها المنطقة منذ توقيع اتفاقيات أبراهام، وجّهت دولة الإمارات العربية المتحدة تحذيرًا واضحًا لإسرائيل من أنّ أي خطوة لضم أراضٍ في الضفة الغربية تُعد "خطًا أحمر" يهدد بنسف الاتفاقيات من أساسها.

هذا الموقف لا يمكن النظر إليه باعتباره مجرد تصريح دبلوماسي عابر، بل هو إنذار سياسي يعكس حجم القلق الخليجي من اندفاعة حكومة الاحتلال نحو خطوات أحادية من شأنها تفجير المنطقة، ونسف ما تبقى من فرص لتسوية عادلة.

نقطة تحول أم مجرد رسائل ضغط؟

الأهمية هنا تكمن في أن التحذير صدر عن الإمارات، الدولة التي ارتبط اسمها بملف التطبيع مع إسرائيل، ما يجعل رسالتها ذات وقع مضاعف: فمن جهة تؤكد التزامها بالاتفاقيات، ومن جهة أخرى تشدّد على أن روح تلك الاتفاقيات قائمة على دعم الشعب الفلسطيني لا على تصفية قضيته.

وإذا كانت وسائل إعلام عبرية قد كشفت أن الموقف الإماراتي ساهم في إزاحة ملف الضم من جدول أعمال اجتماع أمني إسرائيلي، فهذا يبرهن على أن الضغط العربي قادر – إن توحّد – أن يصنع فارقًا حتى في قلب الحسابات الإسرائيلية.

ابتزاز إسرائيل للمجتمع الدولي

لعلّ من أبرز ملامح السلوك الإسرائيلي منذ عقود هو استخدام ورقة "الأمن" لابتزاز المجتمع الدولي، بينما تواصل الحكومات المتعاقبة فرض وقائع جديدة على الأرض عبر الاستيطان والتهويد.

لكن الموقف الإماراتي الأخير، مدعومًا بتنسيق خليجي ظهر جليًا في زيارة رئيس دولة الإمارات إلى السعودية، يوجّه رسالة مزدوجة: لا شرعية لأي خطوات أحادية، ولا سلام من دون دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

فهل يضع ذلك حدًا لابتزاز إسرائيل؟ ربما لا بشكل كامل، لكنه بالتأكيد يشكّل فرملة سياسية مؤثرة، خصوصًا إذا تلاقى مع زخم دولي متنامٍ لدعم الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة.

إلى أين؟

الموقف الإماراتي يفتح الباب أمام إعادة صياغة العلاقة العربية مع إسرائيل، على قاعدة بسيطة: السلام ليس شيكًا على بياض.

قد لا يكون هذا التحرك بمفرده نقطة تحول استراتيجية، لكنه خطوة مهمة تُعيد الاعتبار إلى مركزية القضية الفلسطينية، وتذكّر العالم بأن الاستقرار الإقليمي لن يتحقق عبر الصفقات الثنائية أو الترتيبات الأمنية، بل فقط عبر حل عادل وشامل يعيد للشعب الفلسطيني حقه المشروع في دولته المستقلة.

اليوم، الكرة في ملعب العرب والمجتمع الدولي. إذا بقيت التحذيرات الإماراتية مجرد مواقف منفردة، فلن تتجاوز أثرها اللحظة الآنية. أما إذا تحوّلت إلى موقف عربي جماعي مدعوم بخطوات عملية – من ضغوط اقتصادية ودبلوماسية، وصولًا إلى تحريك ملف الاعتراف الدولي بفلسطين – عندها فقط يمكن لإسرائيل أن تدرك أن زمن الابتزاز قد ولى، وأن القضية الفلسطينية لا تزال قضية الأمة الأولى، ولن تُطوى ما لم تُطوَ صفحات الاحتلال.