خالد مصطفى يكتب: العلاقة بين الولايات المتحدة وبريطانيا

التحالف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وبريطانيا يعتبر أحد أقدم وأقوى الشراكات في العصر الحديث وغالبا ما يشار إليه بمصطلح العلاقة الخاصة هذه العلاقة ليست مجرد تعاون دبلوماسي أو اقتصادي بل تمتد إلى مجالات الأمن والدفاع والاستخبارات والتكنولوجيا بالفعل لم يكن التحالف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وبريطانيا يوماً مجرد اتفاق سياسي عابر بل هو شراكة تاريخية متجذرة شكلت ملامح النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم إعتباراً من ميادين القتال في أوروبا إبان الحرب العالمية مروراً بسنوات الحرب الباردة ووصولاً إلى الملفات الساخنة في الشرق الأوسط وآسيا ظلت واشنطن ولندن تتحركان في كثير من الأحيان كجناحين لسياسة واحدة يتكاملان في الرؤية ويتشاركان في القرار وللعلاقة بين البلدين ملامح عديدة منها الجذور التاريخية حيث تعود العلاقة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية حين قادت واشنطن ولندن المعسكر الغربي في مواجهة الاتحاد السوفيتي بالإضافة لوثيقة ميثاق الأطلسي عام 1941 التى وضعت الأساس لمفهوم التعاون بين البلدين
فى مجالى التعاون العسكري والأمني من خلال شراكة وثيقة داخل حلف الناتو وتبادل معلومات استخباراتية عالية المستوى عبر اتفاقية UKUSA التي تضم أيضاً كندا وأستراليا ونيوزيلندا وهو تحالف مايسمى بالعيون الخمس وتنسيق المواقف في القضايا الدولية الكبرى مثل حرب الخليج وأفغانستان والعراق بالإضافة للدعم المتبادل في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ونجاح التكامل الاقتصادي والتكنولوجي بين البلدين من خلال استثمارات ضخمة متبادلة وتعاون في مجالات البحث العلمي والابتكار خاصة في الصناعات الدفاعية والذكاء الاصطناعي باختصار العلاقة بين الولايات المتحدة وبريطانيا ليست مجرد تحالف مصالح بل هي شراكة استراتيجية تقوم على تاريخ طويل وثقة متبادلة ورغم ما يطرأ من تباينات تظل من أقوى الروابط بين دولتين في العالم المعاصر ورغم ظهور تباينات محدودة أحياناً في بعض الملفات تبقى المصالح الكبرى والقيم المشتركة عامل الربط الأقوى ليظل هذا التحالف بمثابة محور ثقل في ميزان القوى العالمي وضمانة لاستمرار النفوذ الغربي في مواجهة التحولات الجيوسياسية المتسارعة
يمكن القول إن الولايات المتحدة وبريطانيا بفضل هذه العلاقة الخاصة لا تتحركان فقط لحماية مصالحهما بل لصياغة معادلات القوة في القرن الحادي والعشرين كما أن التحالف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وبريطانيا ليس تحالفاً عادياً بل هو عمود فقري للنظام الدولي منذ منتصف القرن العشرين ورمز لما يُعرف في السياسة العالمية بالعلاقة الخاصة التي جمعت بين قوتين صنعتا ولا تزالان تصنعان ملامح العالم ورغم وجود لحظات اختلاف تكتيكي فإن التحالف الأمريكي البريطاني يظل ثابتاً في جوهره قائماً على مزيج من التاريخ والمصالح والقيم المشتركة مما يجعله أحد أكثر التحالفات تأثيراً في صياغة موازين القوى وضمانة لاستمرار النفوذ الغربي في عالم يتغير بسرعة لأنه ليس مجرد تحالف بين دولتينبل محور قوة عالمي يحدد اتجاه الرياح في السياسة الدولية