الإثنين 4 أغسطس 2025 05:18 مـ 9 صفر 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

الدكتورة نرمين فهيم تكتب: تمويل التنمية المستدامة: آليات اقتصادية لتعزيز الاستثمارات الخضراء في مصر

المقدمة

في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة عالميًا، برز مفهوم التنمية المستدامة كإطار شامل يربط بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتُعد آليات تمويل التنمية المستدامة أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق هذا التوازن، لا سيما من خلال تعزيز الاستثمارات الخضراء. وفي السياق المصري، أصبحت قضية التمويل الأخضر أولوية استراتيجية في ضوء رؤية مصر 2030 والتزامات الدولة باتفاقيات المناخ الدولية.

أولًا: مفهوم التمويل المستدام والاستثمارات الخضراء

التمويل المستدام هو تخصيص الموارد المالية لمشروعات أو أنشطة تراعي الأبعاد البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG). ويشمل ذلك الاستثمارات الخضراء التي تهدف إلى تقليل الأثر البيئي مثل الطاقة المتجددة، كفاءة الطاقة، إدارة المخلفات، والنقل المستدام.

وتلعب الاستثمارات الخضراء دورًا محوريًا في خفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز الابتكار، وخلق فرص عمل جديدة في القطاعات البيئية.

ثانيًا: الوضع الراهن في مصر

أدركت مصر أهمية التمويل المستدام وبدأت في اتخاذ خطوات فعلية لتعزيز هذا التوجه، ومنها:

- إطلاق أول إصدار للسندات الخضراء السيادية بقيمة 750 مليون دولار عام 2020، لتكون الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تتبنى هذا النوع من التمويل.[1]
- إدماج معايير الاستدامة في سياسات التخطيط العام للدولة، حيث أعلنت وزارة التخطيط أن 30% من الاستثمارات العامة في 2022 كانت موجهة لمشروعات خضراء، مع هدف للوصول إلى 50% بحلول 2025.[2]
- إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 التي تتضمن أهدافًا لزيادة التمويل الأخضر من المصادر المحلية والدولية.[3]

ثالثًا: آليات التمويل لتعزيز الاستثمارات الخضراء

1. السندات الخضراء: تمثل أداة تمويل فعالة لمشروعات البنية التحتية المستدامة. ويشترط أن تُوجه عائداتها إلى أنشطة بيئية محددة.

2. الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP): تسهم في جذب رؤوس الأموال والخبرات الفنية، مع توزيع المخاطر بين الطرفين.

3. الصناديق السيادية والاستثمارية: مثل صندوق مصر السيادي الذي يمكن توجيه جزء من موارده إلى مشروعات الطاقة النظيفة.

4. الحوافز الضريبية والتشريعية: مثل الإعفاءات أو التخفيضات للمشروعات التي تراعي الأبعاد البيئية.

5. التعاون الدولي والتمويل المناخي: من خلال الجهات المانحة مثل البنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق المناخ الأخضر.

رابعًا: التحديات التي تواجه التمويل الأخضر في مصر

- محدودية الوعي المؤسسي والمالي بأدوات التمويل المستدام.
- ضعف البيانات والشفافية حول أداء المشروعات البيئية.
- غياب إطار قانوني متكامل يضمن الحوكمة البيئية للمشروعات.
- التحديات الفنية والبيروقراطية التي تعيق تسريع التنفيذ.

خامسًا: التوصيات

1. تطوير إطار تشريعي واضح لتعزيز الاستثمارات الخضراء.
2. إنشاء منصة وطنية لعرض فرص التمويل الأخضر للمستثمرين.
3. تعزيز الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال البنية التحتية المستدامة.
4. تبني نظام تصنيف للمشروعات وفقًا لمعايير الاستدامة.
5. تدريب الكوادر الوطنية على أدوات التمويل الأخضر وآلياته.

الخاتمة

يعكس توجه مصر نحو التمويل المستدام رغبة حقيقية في التحول إلى اقتصاد أكثر مرونة واستدامة. وإن تعزيز الاستثمارات الخضراء لا يُعد فقط أداة لتحقيق أهداف المناخ، بل هو فرصة اقتصادية لتوليد النمو وخلق فرص عمل وبناء اقتصاد أكثر كفاءة وتنافسية.

المراجع

[1] وزارة المالية المصرية، "إصدار أول سندات خضراء سيادية في الشرق الأوسط"، 2020.
[2] وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، "تقرير التنمية المستدامة 2022".
[3] وزارة البيئة، "الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050".
[4] البنك الدولي، "تمويل العمل المناخي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، 2023.
[5] برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "تقرير التمويل الأخضر في الدول النامية"، 2021.