الإثنين 14 يوليو 2025 02:38 مـ 18 محرّم 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

حقائبنا تغادر… وقلوبنا تبقى

وكأن المغرب الذي أحببته يأبى أن يتركني…

حتى حين ضاقت بي الدنيا فجأة، وارتبكت خطواتي في مطار غريب، وجدتني أتمسّك بحبل المحبة… تلك التي ربطتني بهذه الأرض منذ اللحظة الأولى.
المغرب لم يخذلني، بل اختبر محبتي له، وكأن المدن التي احتضنتني أرادت أن تقول:
ابقَ قليلاً… فما زال في الذاكرة متّسع لحكاية أخرى.

في زحمة الخطوط والفيزا والتأشيرات، وجدت نفسي أمام مشهد مختلف تمامًا عن حلاوة الرحيل المعتادة.
لم تكن وداعًا، بل كان لقاءً مؤجلًا، ومأزقًا عابرًا لا يغيّر من حبي شيئًا.
العيون التي رافقتني في ليالي مراكش، والأصوات التي تغنّت في أذني في الرباط، كلها كانت تقول لي:
“لا تخافي… فهذه الأرض تستقبلك دائمًا.”

حتى في لحظات الشك والخوف، عندما تاهت خطواتي بين الأوراق والطلبات، كنت أسمع نبضات هذا الوطن في قلبي…
نبضات تخبرني أن القصة لم تنتهِ، وأن الحكاية ستستمر.
ليست رحلة تُغلق أبوابها، بل باب يُفتح على بزوغ فجر جديد.

وها أنا اليوم، رغم التعب والقلق، أجد في عتمة تلك اللحظة بريق أمل، وأعلم أن لكل مشكلة حلاً، ولكل مأزق مخرجًا…
وأعلم أن المغرب، ذلك الذي أحببته، لا يأبى إلا أن يكون لي وطنًا دومًا، مهما بعدت المسافات، ومهما كثرت التحديات.

وفي خضم هذا الموقف المُربك، وبين إجراءاتٍ لم أكن مستعدة لها أو أتوقعها… منحني القدر فرصة لقاء أصدقاء لم يكونوا في الحسبان.
كنت أظنهم عابرين، مجرد أسماء وأشكال في طريق الحياة…
لكنهم عبروا قلبي، واستوطنوه بصدقهم، وكرمهم، ومواقفهم التي لم تكن إلا دفء إنسانية نقية.
شكرًا لأنكم كنتم عائلتي، وشكرًا لأنكم جعلتم الرحلة أجمل، ومنحتموني شعورًا بالانتماء وسط الغربة.

وفي قلب هذا الوطن، عشت تجارب صحفية أثرتني وأثرت مسيرتي المهنية، خصوصًا من خلال المهرجانات الكبرى التي تحتضنها مدنه، والتي منحتني فرصًا نادرة لتسليط الضوء على جمال فنه وثقافته، وكانت علامة فارقة في مسيرتي الصحفية.
شكرًا لمهرجانات المغرب الكبيرة التي جعلتني متميزة، وشكرًا لكل من ساهم في إنجاحها، وجعلها منارة ثقافية تُشرق على العالم.

ولا يفوتني أبدًا أن أتوجّه بالشكر الكبير إلى جلالة الملك محمد السادس، الذي كان ولا يزال رمزًا لكل ما هو طيب ونبيل في هذا الشعب الكريم.
فهو الصورة الحية لأصالة المغرب وروحه، حامل هموم وطنه بين يديه، وراعٍ لتراثه وثقافته.
رمز الكرامة والإنسانية التي تجسدت في كل مواطن ومواطنة التقيتهم على هذه الأرض.
غادرت المغرب، لكنّه لم يغادرني.
عدت إلى وطني الحبيب مصر، لا أحمل فقط حقيبة سفر، بل أحمل قلبًا ممتلئًا بالذكريات، وبحبٍ لن يمحوه الزمن، ووعودًا بأن أعود، وأعود، وأعود…
إلى المغرب الحبيب.

المغرب مهرجان موازين