خالد مصطفى يكتب: اختراق الأحزاب خطر يهدد الأمن والمجتمع

في كل دورة انتخابية تنشط القوى المتطرفة
في الظل لا من أجل خدمة الوطن أو تطوير العملية الديمقراطية بل من أجل زرع بذور الفتنة داخل الأحزاب والمؤسسات التشريعية هذه العناصر التي لفظها الشارع ضمن موجات الوعي الشعبي عادت مؤخراً لتبحث عن مداخل جديدة متنكرة في هيئة مرشحين نشطاء ومصلحين إجتماعيين ولكن بوجه باطنه الحقد وأجندات الظلام
فكلما اقتربت الاستحقاقات الانتخابية تزايدت محاولات العناصر المتطرفة لاختراق الأحزاب السياسية ليس بهدف المشاركة في العملية الديمقراطية بشكل نزيه بل من أجل تنفيذ أجندات خفية تقوّض الاستقرار وتشكّل
تهديداً صريحاً للأمن القومي المصرى
لأن قوى الظلام تتحرك بهدوء فهى لا تحمل سلاحاً ظاهراً بل ترتدي رداء السياسة المزيف وتطرق أبواب الأحزاب بشعارات براقة ظاهرها الوطنية وباطنها السمّ و تسعى لاختراق التنظيمات الحزبية ودوائر اتخاذ القرار لا حباً في الديمقراطية بل تمهيداً لاغتيالها من الداخل
لأن العناصر المتطرفة سواء كانت تابعة لتنظيمات دينية متشددة أو تيارات فكرية غير وطنية تدرك أن الانخراط الظاهري في الحياة السياسية عبر الأحزاب يوفر لها غطاءً قانونياً يمكنها من التغلغل في المؤسسات الرسمية والتأثير في صنع القرار و استغلال منابر الإعلام الحزبي لنشر أفكارها المسمومة و السعي للوصول إلى البرلمان أو المجالس التشريعية كوسيلة لبث السموم الفكرية حيث تتنوع أساليب الاختراق وأبرزها التسجيل الجماعي في الأحزاب تحت أسماء وهمية
أو بأوراق رسمية غير معبرة عن الانتماء الحقيقي
والإندماج فى التحالفات الانتخابية المشبوهة مع شخصيات لها قاعدة شعبية ولكن دون رقابة فكرية كافية وتتسلل عبر لجان العمل الجماهيري أو الإعلامي لكسب الثقة تدريجياً كما تساهم من خلال التبرعات المالية السخية التي تُستخدم كوسيلة لشراء الشخصيات النافذة داخل الأحزاب وفى حال تمكن تلك العناصر من فرض نفسها داخل الأحزاب يصبح الحزب وسيلة لاختراق الدولة نفسها حيث تُرشّح تلك العناصر لعضوية الشيوخ أو النواب وتُستخدم الحصانة البرلمانية كدرع ضد الملاحقة الأمنية و تُعرقل مشاريع الدولة أو تُحرف السياسات بما يخدم أهداف هذه الجماعات المتطرفة بعناية لان السنوات الأخيرة قد سهدت تحذيرات متكررة من أجهزة الدولة بشأن محاولات اختراق بعض الأحزاب خصوصاً الأحزاب الكبيرة أو الناشئة ذات الطابع الجماهيري وقد تم بالفعل كشف خلايا داخل بعض الكيانات السياسية ثبت ارتباطها بجماعات متطرفة تسعى للعودة إلى المشهد السياسي تحت
عباءة الديمقراطية فيجب أن يكون هناك تدقيق أمني وفكري في ملفات المرشحين داخل الأحزاب و فرض رقابة قانونية على التحالفات الانتخابية مع وجود التوعية الإعلامية والجماهيرية بشأن خطورة هذه العناصر لأن
ما يحدث ليس تحركاً عشوائياً بل مشروع اختراق مدروس ومنظم تُديره عقول تعمل بمنطق التدرج والتسلل وهي ذات العقول التي اعتادت استغلال المؤسسات من الداخل لأن هدف تلك العناصر ليس الفوز فقط بل زرع خلايا فكرية داخل الأحزاب لتعطيل مسارها الوطني والعمل على تخريب القوانين من الداخل أو عرقلتها إن تعارضت مع فكرهم و استغلال المنابر السياسية والإعلامية لتبييض صورة التطرف المشوهة و تحقيق اختراق مؤسساتي يتيح لهم النفوذ داخل الدولة وإختراقها من العمق
ياسادة
إن الأحزاب السياسية ليست مجرد مؤسسات تنظيمية بل هي العمود الفقري لأي تجربة ديمقراطية وإذا تمكنت العناصر المتطرفة من اختراقها فإن النتيجة ستكون تشويه العمل السياسي فى الشارع و انقسام القاعدة الشعبية بين الوطنية والتشدد لتكرار سيناريو أحزاب الغطاء التي كانت بوابة لعودة الجماعات الإرهابية تحت ستار السياسة لقد دفعت مصر ثمناً باهظاً حين تهاونت في الماضي مع المتطرفين الذين تسللوا عبر النقابات والجمعيات والأحزاب حتى احتلوا مواقع القرار وعاثوا في المؤسسات فساداً وخانوا الدولة من داخلها اليوم الدولة أكثر وعياً وأجهزتها أكثر يقظة لكن التحدي الحقيقي هو تطهير الأحزاب من الداخل لا فقط مراقبتها من الخارج فيجب غربلة ملفات المرشحين داخل الأحزاب بشكل دقيق وشامل و كشف التحالفات المشبوهة التي يتم عقدها سراً تحت طاولة المصالح الانتخابية مع فرض التزام حزبي مكتوب من كل مرشح بعدم الانتماء السابق أو الحالي لأي كيان ديني أو سياسي محظور
لأن الديمقراطية الحقيقية لا تتسع لمن يسعى لهدمها من الداخل ولا يمكن السماح بتحويل الانتخابات إلى جسر للعودة إلى الفوضى السياسة فالساحة حالياً ليست ملعباً للمتطرفين بل ساحة شرف لخدمة الوطن
وعلى كل حزب مسؤول وكل قيادي شريف
أن يتحمل واجبه في حماية الأحزاب من الغزو المقنّع فالمعركة القادمة ليست فقط على المقاعد بل على هوية مصر ومستقبلها
فهذه ليست مبالغة بل واقع مرير يتكرر كل دورة حيث تُعيد الجماعات المتطرفة ترتيب أوراقها وتدفع بأفرادها في صورة شخصيات جديدة تتحدث عن الإصلاح وتُتقن لغة الإعلام وتُحسن استخدام الدين كشعارات انتخابية لكنها تحمل ذات العقلية التي تؤمن بإقصاء الآخر وتكفر بالدولة المدنية وتحلم بدولة موازية تتحكم فيها من خلف الستار ليحدث بذلك الحدث الأكبر حين يصل هؤلاء المتطرفون إلى قبة البرلمان يتحولون إلى مشرعين يستخدمون أدوات الديمقراطية لتخريبها و يدافعون
عن الحقوق والحريات ليُمرّروا أفكارهم المسمومة ويُطالبون بحصانات ومناصب ويتحولوا من عناصر هامشية إلى ممثلين
عن الشعب يكتسبون منبراً واصواتاً وأتباعاً
و النتيجة تفكيك تدريجي لبنية الدولة المدنية وشرعنة وجود الجماعات التي طالما واجهتها الدولة في ميادين الحرب الداخلية من خلال الاجهزة الأمنية لأن دروس الماضى لا تُنسى حيث رأينا من قبل كيف دخلت الجماعة المحظورة مجلس الشعب ورفعت شعارات مزيفة ثم انقلبت على الدولة بأكملها و شهدنا كيف استخدمت النقابات والاتحادات كمنصات للغزو الثقافي والفكري ونعلم تماماً أن كل تهاون في فلترة الصفوف قد سمح بطريقة مباشرة بعودة الإرهاب بوجه جديد فحماية الوطن تبدأ من داخل الأحزاب لان التحدي الأكبر أمام الديمقراطية في مصر والعالم العربي ليس فقط في نزاهة الانتخابات بل في نقاء من يخوض العملية الانتخابية واختراق العناصر المتطرفة للأحزاب إذا تُرك
بلا رادع قد يحوّل قبة البرلمان إلى منصة لنشر التطرف بدلاً من أن تكون منارة للديمقراطية والتنمية لأن الديمقراطية الحقيقية لا تتسع لمن يسعى لهدمها من الداخل ولا يمكن السماح بتحويل الانتخابات
إلى جسر للعودة إلى الفوضى وعلى كل حزب كبير أو صغير وكل قيادي شريف أن يتحمل واجبه في حماية الأحزاب من الغزو المُقنع فالمعركة القادمة ليست فقط على المقاعد بل على هوية مصر ومستقبلها لأن المعركة ليست بين مرشحين بل بين مستقبلين لمصر مستقبل وطني مدني يقوم على الكفاءة والانتماء الصادق ومستقبل مظلم تُعيد فيه الجماعات المتطرفة إنتاج نفسها تحت عباءة السياسة فالديمقراطية لا تحمي نفسها إن لم يحرسها الوعي الشعبي ويصونها الإعلام اليقظ ويحميها القانون فاحذروا مرشحي التيارات الخفية فهم لا يسعون لخدمتكم بل يتسللون ليخطفوا الوطن من بين أيديكم