الأحد 13 يوليو 2025 02:03 صـ 16 محرّم 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

ثقافة

”مسجد دُمقسيس المعلق” تحفة معمارية عثمانية في قلب رشيد

"مسجد دُمقسيس المعلق"
"مسجد دُمقسيس المعلق"
إيهاب حبلص
في مدينة رشيد، التي تختال بجمالها التاريخي وعبق ماضيها التليد، يقف شاهدًا على عظمة العمارة العثمانية مسجد دُمقسيس المعلق. هذا المسجد، الذي يُعد تحفة فنية وهندسية، لا يقل أهمية عن كنوز رشيد الأثرية الأخرى، بل يضيف إلى سحر المدينة رونقًا خاصًا وقصة تُروى عبر الأجيال.
تاريخ يتدلى من الأعالي
يعود تاريخ بناء مسجد دُمقسيس المعلق إلى القرن الثامن عشر الميلادي، وتحديدًا عام 1198 هجريًا (1783 ميلاديًا)، في عصر الولاة العثمانيين. أُطلق عليه لقب "المعلق" نظرًا لارتفاعه عن مستوى الشارع، حيث بُني الدور الأرضي أسفل المسجد ليكون مخصصًا للمحلات التجارية، وهي ميزة معمارية فريدة وغير تقليدية للمساجد في ذلك الوقت. هذه الفكرة لم تكن مجرد لمسة جمالية، بل كانت تعكس أيضًا الروح التجارية لمدينة رشيد، التي كانت ميناءً حيويًا ومزدهرًا.
ويُعزى بناء المسجد إلى أحمد دُمقسيس، أحد الأعيان والتجار البارزين في رشيد، والذي أراد أن يترك بصمة خالدة في مدينته. وقد صُمم المسجد ليكون جامعًا كبيرًا يخدم أهل الحي، بالإضافة إلى كونه مركزًا اقتصاديًا يعود بالنفع على المنطقة.
عمارة تحكي قصة حضارة
يُجسد مسجد دُمقسيس المعلق الطراز المعماري العثماني بأسلوبه المميز، مع لمسات تتناغم مع البيئة المحلية. يتميز المسجد بمدخله الرئيسي المرتفع، والذي يؤدي إلى فناء واسع مكشوف، ومنه تُفتح أبواب قاعة الصلاة.
تُبهرك قاعة الصلاة بزخارفها الجصية الرائعة التي تزين الجدران والأسقف، والتي تتجلى فيها دقة فن الخط العربي والزخارف النباتية والهندسية المعقدة. تُضاء القاعة بنوافذ كبيرة تُدخل ضوء الشمس الطبيعي، مما يُضفي عليها جوًا من السكينة والخشوع. ويبرز المحراب والمنبر بتصميماتهما الفنية البديعة، والتي تُعد نقطة ارتكاز بصرية في المسجد.
أما المئذنة، التي تُعد من أبرز معالم المسجد، فتُشرف على أفق رشيد بتصميمها الرشيق، وتحمل تفاصيل معمارية تُظهر براعة البنائين في ذلك العصر. استخدام الطوب الأحمر والجص في بناء المسجد، مع الخشب المزخرف في الأبواب والأسقف، يُضفي عليه طابعًا أصيلًا وجمالًا لا يبهت مع مرور الزمن.
ليس مجرد مسجد
مسجد دُمقسيس المعلق ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو قطعة حية من تاريخ رشيد. لقد شهد المسجد على مدار قرون العديد من الأحداث التي مرت بها المدينة، وكان وما زال مركزًا روحيًا واجتماعيًا لأهلها. إنه يمثل تذكيرًا دائمًا بعظمة الحضارة الإسلامية وعمق التراث المعماري المصري.
واليوم يُعد المسجد وجهة سياحية مهمة للزوار الذين يرغبون في استكشاف كنوز رشيد المعمارية. إنه يدعوك لتتأمل في تفاصيله، وتتخيل الحكايات التي جرت بين جدرانه، وتشعر بالروحانية التي تملأ أرجائه.
مسجد دُمقسيس المعلق” تحفة معمارية عثمانية في قلب رشيد