الخميس 10 يوليو 2025 06:54 مـ 14 محرّم 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

أخبار مصر طب و دواء

الدكتور محمد العدل.. صوت من لا صوت لهم في معركة الفيبرومالجيا

كتبت نشوي النادي

طبيب مصري يقود ثورة الوعي بأحد أكثر الأمراض إهمالًا في العالم

بين أروقة الطب المزدحمة بالتخصصات، اختار الدكتور محمد العدل أن يسير في طريق قلّ سالكوه، طريق يتطلب صبرًا وتعاطفًا وعلمًا عميقًا. تخصصه في علاج الفيبرومالجيا، أو "الآلام العضلية الليفية"، جعله علامة فارقة في المشهد الطبي المصري والعربي، ومرجعًا مهمًا لكثير من المرضى الذين لم يجدوا من يفهم آلامهم المزمنة.

بدايات إنسانية قبل أن تكون طبية

رحلة الدكتور محمد العدل لم تبدأ من كتب الطب فقط، بل من مشاهد إنسانية مؤثرة صادفها في حياته المهنية. مرضى يأتون بآلام مبرحة دون وجود أي مؤشر عضوي واضح، أطباء يرفضون تصديق الأعراض، وأسر تُشكك في معاناة أحبائها. هذا المشهد تكرر كثيرًا أمامه حتى قرر أن يُكرس جزءًا كبيرًا من علمه وجهده لتسليط الضوء على هذا "المرض المنسي".

في أحد تصريحاته قال:
"أصعب شيء في الفيبرومالجيا إن المريض بيتألم في صمت، وكل اللي حواليه شايفينه سليم. الألم بيكون حقيقي، لكن بدون جرح واضح، وده بيدمر المريض نفسيًا واجتماعيًا."

الفيبرومالجيا.. المعركة الصامتة

الفيبرومالجيا ليست مرضًا سهل التشخيص، وغالبًا ما يستغرق المريض سنوات من التنقل بين الأطباء قبل أن يسمع الاسم الحقيقي لحالته. يشمل المرض أعراضًا متعددة:

آلام عضلية مزمنة في نقاط معينة وثابتة

إرهاق شديد لا يتحسن بالنوم

ضباب دماغي يؤثر على التركيز والذاكرة

اكتئاب وقلق

مشاكل هضمية مثل القولون العصبي

رعشة عضلية وتنميل


وبحسب د. محمد العدل، فإن المرض يرتبط غالبًا باضطراب في الجهاز العصبي المركزي، وليس مجرد مشكلة عضلية كما يعتقد البعض.

رؤية علاجية شاملة.. بعيدًا عن المسكنات فقط

في عيادته، لا يعالج د. العدل أعراضًا فحسب، بل يتعامل مع كائن بشري منهك يحتاج لفهم وتقدير ودعم شامل. لذلك يعتمد على خطة متكاملة تشمل:

1. تشخيص دقيق واستبعاد الأمراض المشابهة

مثل الذئبة، الروماتويد، التصلب المتعدد، ونقص فيتامينات B12 وD.

2. علاج دوائي متخصص

يشمل مضادات اكتئاب مناسبة لحساسية المرض، أدوية مثل الدولوكستين، البريجابالين، أو الأميتريبتيلين بجرعات مدروسة، مع متابعة دقيقة للآثار الجانبية.

3. تأهيل نفسي وسلوكي

يُقدم دعمًا نفسيًا، وأحيانًا يُحيل المرضى لجلسات علاج معرفي سلوكي، وهي خطوة ضرورية لمن يعانون من اضطرابات نفسية ناتجة عن الألم المزمن.

4. تمارين علاج طبيعي مخصصة

برامج تمارين لطيفة لتقوية العضلات دون إجهاد، خصوصًا تمارين الاستطالة والتنفس.

5. دعم غذائي ومناعي

يقترح مكملات وفيتامينات في حال ثبت نقصها، ويشجع على تقليل الالتهابات عبر التغذية الصحية.

نجاحات على أرض الواقع

في السنوات الأخيرة، تابع الدكتور محمد العدل حالات كثيرة استجابت بشكل ملحوظ للعلاج، بعدما كانت تعيش في دوامة من الألم واليأس. عدد من المرضى استطاعوا العودة للعمل، والبعض الآخر تحسنت قدرته على النوم والحركة والتركيز. وتكمن أهم نقطة -كما يوضح دائمًا- في أن "المريض يتعلم كيف يتعايش بذكاء وقوة مع مرض مزمن دون أن يفقد هويته أو علاقاته أو أحلامه".

نشر الوعي: جزء من العلاج

لا يكتفي د. العدل بعلاج المرضى داخل العيادة، بل يُخصص وقتًا لإقامة ندوات علمية، والمشاركة في لقاءات إعلامية توعوية، وكتابة مقالات علمية موجهة للجمهور العام.
كما يسعى حاليًا لتأسيس مركز متخصص للفيبرومالجيا يجمع بين العلاج الطبي، والدعم النفسي، والعلاج الطبيعي، ليكون الأول من نوعه في مصر.

رسالة لزملائه الأطباء

في حديثه المتكرر للمجتمع الطبي، يؤكد الدكتور محمد العدل أن "الفيبرومالجيا مش مرض نادر، لكنه مش مفهوم". ويطالب بدمج هذا التخصص بشكل أعمق في مناهج التعليم الطبي، وتدريب الأطباء على التشخيص المبكر وتقديم الدعم اللازم للمرضى.

رسالة أمل لمرضاه

ويختتم رسالته للمرضى قائلًا:
"أعرف إنك تعبت، لكن دايمًا في أمل. مش مطلوب منك تكون مثالي، لكن لازم تفضل تقاوم. ومع العلاج المناسب والدعم الصح، الألم مش هينتهي، لكن هيبقى تحت سيطرتك، مش هو اللي يسيطر عليك."

الفيبرومالجيا دكتور محم العدل الميدان