الأحد 13 يوليو 2025 07:22 صـ 17 محرّم 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

ثورة 30 يونيو.. حين نهض الشعب واستجاب الجيش للنداء

حين تشتد العتمة على الأرض، تبحث القلوب عن نافذة ضوء تعيد إليها اليقين بأن الفجر قريب، وأن الإرادة حين تصحو، فإن الصمت ينهار، ويعود للوطن صوته وهيبته ووجهه الذي لا يليق به إلا الحرية. وفي صيفٍ قائظ من صيف مصر، خرجت الأصوات من الصدور، تهتف في الشوارع والميادين، تسترد الوطن من قبضة العبث والفوضى، تكتب على جدران التاريخ: هنا شعب لا يُهزم إذا اجتمع على كلمة، وهنا جيش أقسم أن يحمي الأرض والشعب معًا.


في الثلاثين من يونيو، لم تكن مجرد مظاهرات، بل كانت لحظة ميلاد جديدة لوطن قرر أن يختار مستقبله بإرادته، وكانت لحظة شرف لجيش أدرك أنه ملكٌ للشعب، خادمٌ له، لا يتركه وحده أمام من يسرق حلمه ويقيد حريته.

جذور الغضب الشعبي:

بعد ثورة ال25 من يناير، من عام 2011 حلم الشعب المصري بمستقبل يعيد له الكرامة والحرية والعدالة، غير أن عجلة الأمل تعثرت حين وجدت السلطة في يد جماعة لم تنجح في استيعاب متطلبات دولة بحجم مصر، ولم تستطع إدارة شؤون الوطن، وأظهرت توجهات تُقسِّم الشعب ولا توحده، وتضر بمؤسسات الدولة الوطنية، وتدفع بالبلاد نحو مسارات غير واضحة.

اقرأ أيضاً

شعر المصريون بأن أحلامهم تُسرق أمام أعينهم، وأن الفوضى تهدد لقمة عيشهم، وأن الأمن يترنح تحت وطأة التهديدات، وأن مؤسسات الدولة تتعرض لمحاولات السيطرة والتهميش. ارتفعت الأصوات تدريجيًا في الشوارع، وفي البيوت، وفي القلوب، حتى لم يعد الصمت ممكنًا أمام الخطر على الوطن، فكانت الدعوات الشعبية للخروج في مظاهرات سلمية يوم 30 يونيو، تُعلن للعالم أن الشعب المصري لا يقبل أن يُفرض عليه مسار لا يريده.


يوم الخروج العظيم:

خرج ملايين المصريين في كل المحافظات، رجال ونساء، شيوخ وشباب، بمشهد وحد الشعب كله تحت علم مصر، في لوحة وطنية أبهرت العالم. لم تكن الدعوة للعنف، بل كان النداء للإنقاذ، لم يكن الصراع على سلطة، بل كان الصراع من أجل بقاء الوطن ذاته واستقراره وهويته.

امتلأت الميادين عن آخرها، في مشهد يشبه موجًا بشريًا يرفع راية الوطن فوق كل اختلاف، وأثبت للعالم أن إرادة الشعب المصري إذا اجتمعت، لا يستطيع أي شيء أن يقف أمامها، وأن الحرية والكرامة هما الحق الذي يطالب به الجميع.


دور الجيش في الاستجابة لرغبة الشعب:

في تلك اللحظة الحاسمة، لم يكن الجيش المصري مجرد مؤسسة نظامية تقف على الحياد السلبي، بل كان الدرع الأمين الذي يستجيب للنداء إذا كان النداء من أجل بقاء الوطن. استمع الجيش لصوت الملايين في الميادين، مدركًا أن الشعب هو مصدر الشرعية، وأن واجبه المقدس حماية إرادة المصريين وصيانة الوطن من الانزلاق نحو الفوضى.

جاءت كلمات القوات المسلحة واضحة، بأن مهلة منحت لجميع الأطراف للاستجابة لمطالب الشعب، وأن الحل الوحيد كان الاستجابة لهذه الإرادة الشعبية الجارفة، وعندما لم يتم الإصغاء، أعلن الجيش انحيازه الكامل لإرادة الشعب، واتخذ الإجراءات التي أنهت حكم الجماعة، وأعلن خارطة طريق من أجل مرحلة انتقالية، تضمن تحقيق مطالب الشعب في دستور جديد وانتخابات حرة، وإعادة بناء الدولة على أسس العدالة والديمقراطية.

لقد قدم الجيش في تلك اللحظة درسًا في الوطنية، مؤكدًا أن المؤسسة العسكرية في مصر جزء من الشعب، لا تنفصل عنه، ولا تفرض عليه إرادة غير إرادته، وأن الوطن فوق الجميع، وأن حماية الشعب هي أسمى درجات الشرف.

لتسقط تلك الثورة البيضاء حكم مرسي وجماعة الإخوان، وتمنح العالم درسًا أن مصر وطن ليس للعبث، ولا وجبة ثمينة يمكن التهامها مهما كان عدد الطامعين الملتفين حولها. مصر دولة حرة، أبية، ذات كرامة، وشعب لا يُهزم، وجيش يصغي لصوت شعبه، فيسمعه ويلبي .

ثورة 30 يونيو الجيش المصرى الرئيس عبدالفتاح السيسي