الأحد 13 يوليو 2025 12:11 مـ 17 محرّم 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

ثقافة

”هرم ميدوم” تحفة معمارية غامضة من عصر الفراعنة

هرم ميدوم
هرم ميدوم
إيهاب حبلص
يقع هرم ميدوم شامخًا ووحيدًا في صحراء الفيوم بمصر، ليُعد واحدًا من أقدم وأكثر الأهرامات المصرية إثارة للجدل والفضول. لا يزال هذا الهرم، الذي يُنسب بناؤه إلى الملك حوني ووريثه سنفرو من الأسرة الرابعة، يثير تساؤلات عديدة حول تصميمه الفريد ومصيره الغامض.
تطور معماري مثير للجدل
ما يميز هرم ميدوم عن غيره هو تاريخ بنائه المتقلب وتصميمه الذي مر بمراحل عدة. بدأ الهرم في الأصل كـ مصطبة (بناء مستطيل ذو جوانب مائلة)، ثم تطور إلى هرم مدرج مكون من سبع درجات، قبل أن يُعدّل إلى ثماني درجات. أخيرًا، حاول المهندسون تحويله إلى هرم حقيقي ذي جوانب ملساء عن طريق ملء الدرجات بالحجارة وكسوتها بالواجهات الجيرية.
لكن هذه المحاولة لم تكلل بالنجاح، فقد انهار جزء كبير من الكسوة الخارجية للهرم في حادث يُعتقد أنه وقع في فترة متأخرة من بنائه أو بعد فترة وجيزة من اكتماله، تاركًا الهرم في حالته الراهنة التي تشبه برجًا ضخمًا محاطًا بتلال من الركام. هذا الانهيار هو ما يجعله فريدًا من نوعه بين الأهرامات المصرية، ويُعرف محليًا باسم "الهرم الكاذب" أو "الهرم المنهار".
لغز الانهيار
لا يزال سبب انهيار هرم ميدوم محل نقاش بين علماء الآثار. يرى البعض أن الانهيار كان نتيجة عيوب في التصميم، حيث لم تكن الطبقات الخارجية مستقرة بما فيه الكفاية لتحمل وزن الكسوة. يعتقد آخرون أن الزلازل أو عوامل التعرية لعبت دورًا في هذا الحدث الكارثي. بغض النظر عن السبب، فإن الانهيار يقدم لنا نظرة نادرة على تقنيات البناء المصرية القديمة، ويكشف عن الهيكل الداخلي للهرم الذي عادة ما يكون مخفيًا.
أهمية تاريخية وأثرية
على الرغم من مظهره المتهدم، يحمل هرم ميدوم أهمية تاريخية وأثرية كبيرة. فهو يمثل حلقة وصل مهمة في تطور بناء الأهرامات في مصر القديمة، ويعكس الانتقال من الأهرامات المدرجة إلى الأهرامات الحقيقية. كما أنه يوفر دليلًا ماديًا على التحديات الهندسية التي واجهها المهندسون المصريون القدماء في سعيهم لتحقيق الكمال المعماري.
إلى جانب الهرم نفسه، يضم الموقع مقبرة مصاطب كبيرة، تحتوي على عدد من المقابر ذات الزخارف الرائعة، بما في ذلك مصطبة نفرماعت وزوجته إتت، المعروفة بلوحاتها الجصية الملونة التي تصور الإوز الشهير.
زيارة هرم ميدوم
تُعد زيارة هرم ميدوم تجربة فريدة لمحبي التاريخ والآثار. يوفر الموقع فرصة رائعة للتأمل في عظمة الهندسة المصرية القديمة وفي الوقت نفسه ملاحظة التحديات التي واجهوها. من خلال بقاياه، يروي هرم ميدوم قصة طموح بشري لا ينتهي وسعي دائم نحو الابتكار، حتى وإن انتهى الأمر بانهيار جزئي لعمل فني استغرق بناؤه سنوات طويلة.
هرم ميدوم” تحفة معمارية غامضة من عصر الفراعنة