جامع السلطان حسن” صرح معماري مصري بتكلفة باهظة في عصره
جامع السلطان حسن
إيهابحبلص
تزخر مصر بالعديد من الآثار الإسلامية العظيمة التي تروي قصصاً من الفن المعماري والتاريخ العريق. وعند الحديث عن الأثر الإسلامي الذي كانت تكلفة بنائه باهظة جداً في مصر، يبرز اسم جامع السلطان حسن ومدرسته كواحد من أبرز الأمثلة.
شُيد هذا الصرح الضخم في القاهرة بين عامي 1356 و1363 ميلادية، في عهد السلطان الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، خلال فترة حكم المماليك البحرية. كان الهدف من بنائه ليس مجرد مسجد للصلاة، بل مجمعاً تعليمياً ضخماً يضم أربع مدارس للمذاهب الفقهية الأربعة (الشافعية والمالكية والحنبلية والحنفية)، بالإضافة إلى مسجد جامع وقبة ضريحية.
تكلفة غير مسبوقة:
المصادر التاريخية تشير إلى أن تكلفة بناء جامع السلطان حسن كانت خيالية في عصرها. فوفقاً للمؤرخين، بلغت التكلفة التقديرية 750 ألف دينار ذهبي. هذا المبلغ كان يعادل ثروة هائلة في ذلك الوقت، ويعكس حجم الجهد والموارد التي خصصت لهذا المشروع الطموح. مقارنة بغيره من المنشآت في تلك الفترة، كان هذا المبلغ ضخماً بشكل استثنائي، مما يجعل جامع السلطان حسن من أغلى المنشآت التي أقيمت في مصر الإسلامية.
ما الذي جعل التكلفة باهظة؟
* الحجم والضخامة: يُعدّ جامع السلطان حسن واحداً من أضخم المساجد في العالم الإسلامي، ويتميز بارتفاع أسواره وقبابه ومآذنه، مما يتطلب كميات هائلة من المواد الخام والعمالة الماهرة.
* جودة المواد: استخدمت أجود أنواع الأحجار والرخام والجرانيت في بناء الجامع وزخرفته، وجُلبت بعض هذه المواد من أماكن بعيدة، مما زاد من التكلفة.
* الزخرفة والتفاصيل الفنية: يشتهر الجامع بثرائه الزخرفي، من النقوش الكتابية البديعة على الجدران، إلى المحاريب المزينة بالرخام الملون والمقرنصات الأنيقة، والأبواب الخشبية المزخرفة. كل هذه التفاصيل الدقيقة تتطلب حرفية عالية ووقتاً طويلاً، مما ينعكس على التكلفة.
* الخبرة الهندسية والمعمارية: تطلب تصميم وبناء هذا الصرح مهندسين ومعماريين وحرفيين ذوي خبرة استثنائية، مما رفع من أجورهم.
* المدة الزمنية: استمر العمل في بناء الجامع لعدة سنوات، وهو ما استنزف الكثير من الموارد على المدى الطويل.
* الموقع الاستراتيجي: تم اختيار موقع الجامع بعناية في منطقة حيوية بقلب القاهرة، مما قد يكون قد أثر على تكلفة الحصول على الأرض. لم يكن جامع السلطان حسن مجرد مبنى دينيا، بل كان رمزاً للقوة والعظمة والنفوذ الذي بلغه المماليك في مصر. كان السلطان حسن يطمح إلى بناء صرح لا مثيل له يعكس ازدهار دولته وقوتها، وهو ما تحقق بالفعل في هذا الجامع الذي لا يزال حتى اليوم شاهداً على عظمة العمارة الإسلامية في مصر.
على الرغم من مرور القرون، يبقى جامع السلطان حسن تحفة معمارية خالدة، وتظل قصته تروي لنا عن التكلفة الباهظة التي دفعت لإنشاء تحفة فنية لا تُقدر بثمن، والتي لا تزال مصدر إلهام وإعجاب لكل من يزورها.