أغادير وآفاق المستقبل
عبد الحليم محمود
عبد الحليم محمود
كورونا تعيد صياغة العالم سياسيا، والاقتصاد لا يشذ عن هذه القاعدة؛ فالدراسات الاقتصادية أشارت إلى أن الجائحة ستكلف العالم ما يزيد عن 12.5 تريليون دولار خلال عام 2020 و2021 وهو رقم مرشح للزيادة في ظل تجدد إجراءات الإغلاق .
كوفيد -19 المتجدد أخذ مساحة ليست بقليلة في الملتقى الاقتصادي حول اتفاقية أغادير ،والتي شرفت بالمشاركة فيها مساء الإثنين 4 يناير/ 2021 عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وكان هذا الملتقى بحضور الدكتورة سميرة العشيري رئيسة مؤسسة أبناء المغرب بمصر ,الدكتور محمد ثروت رئيس أكاديمية ليون الدولية بباريس ، مصطفى عبد الغفور النائب الأول لرئيس غرفة التجارة والصناعة بطنجة وتطوان , رشيد ورديغي رئيس جمعية خريجي معاهد النسيج والألبسة المغربية، وممثلين عن جمعية رجال الأعمال المغربية المصرية ،والغرفة التجارية المصرية بالشرقية ، وجمعية النسيج المغربي .
دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2007 بين البلدان العربية المتوسطية :مصر ،المغرب، تونس، الأردن ،وتلا ذلك انضمام لبنان و فلسطين ، ومن أهداف الاتفاقية إقامة منطقة للتبادل التجاري الحر ، ودعم الشراكة العربية المتوسطية كبداية لمرحلة قد تكلل فيها الجهود لإقامة سوق عربية مشتركة.
حول الفرص والتحديات دارات النقاشات، وحاول المشاركون طرح أفكار تعالج أسباب الانكماش الاقتصادي خلال جائحة كورونا، والبحث عن سبل لاستغلال الفرص المتاحة بين الدول الأعضاء في ظل غياب المعطيات لدى رواد الأعمال أو أصحاب القرار، وعدم استغلالهم لما تتيحه الاتفاقية من استثمارات، وقد أكد الكاتب الصحفي محمد ثروت - رئيس أكاديمية ليون الدولية بفرنسا والمشارك عن مصر-على أهمية التعليم والتدريب عن بعد في ظل التحول العالمي للاقتصاد الرقمي.
إن أكبر مكاسب الملتقى أنه خرج عن المعنى الضيق لبنود الاتفاقية حيث اتفق المشاركون على جعل التكامل لا التنافس هدفا للدول الأعضاء .
لا شك أن الوحدة الفنية للاتفاقية قامت بمجهودات عظيمة لتنفيذ الاتفاقية بشكل يسمح بتسيير التبادل الحر وتطويره بين بلدان أغادير وبين الاتحاد الأوروبي.
وما تحتاجه الآن دول أغادير هي المعلومة ،ولا ننسى أن آخر دراسة صادرة عن الوحدة الفنية للاتفاقية حول فرص التكامل والشراكة المتاحة بين الدول الأعضاء تمت في يونيو 2015! أي منذ خمس سنوات وهي فترة ليست بقصيرة في ظل عالم اقتصادي متغير ومتحول بشكل ملحوظ مما يجعل من التحديث ضرورة ملحة.
كما أن تفعيل مبدأ تراكم المنشأ - ويعنى ببساطة اشتراك دولتين أو أكثر من دول الاتفاقية في تصنيع سلعة من السلع - يحتاج إلى بيانات حديثة باستمرار لتحقيق التعاون مما يجعل الدول الأعضاء قادرة على تصدير المنتج إلى الأسواق الأوربية
لا يجب أن يتوقف مسار أغادير عند حدود الاتحاد الأوروبي، ولا يخفى على أحد أن إفريقيا تحتل الآن اهتمام العالم فيما يعرف بالهرولة الثالثة لإفريقيا
The scramble for Africa
سواء أكان من الدول العظمى كالصين وروسيا والهند، أم من الدول الأقليمية كتركيا وإيران وإسرائيل خاصة بعد تراجع النفوذ الأمريكي.
الثورة الصناعية الرابعة هي سر الهرولة؛ فإفريقيا كانت المصدر الأول للمواد الخام التي تستخدم في الصناعات التقليدية ، وما زالت هي أيضا مصدر المواد الخام التي تستخدم في صناعات المستقبل كالصناعات العسكرية الحيوية أو صناعة الأجهزة الإلكترونية الحساسة، أو السيارات الكهربائية أو أجهزة الحاسب والهواتف النقالة.
فى تقرير صادر عن الأمم المتحدة أشار إلى أن هناك توقعات بزيادة عدد سكان إفريقيا خلال الثمانين عاما القادمة إلى 10.9 مليار نسمة مما يعني أن السوق الإفريقي حيوي له فرص نمو مستقبلية عالية بالمقارنة بالسوق الأسيوي الذي تشبع بالاستثمارات وبالتالي ففرص نموه محدودة.
وإني لآمل كما يأمل المشاركون إلى زيادة الشراكة بين دول أغادير للاستفادة من المزايا النسبية لكل دولة من الدول الأعضاء؛ فحجم التبادل التجاري بينهم حتى اللحظة متواضع ولا يتناسب مع المزايا الواردة بالاتفاقية والتي تهدف إلى توسيع قاعدة المصالح المشتركة وتبادل المنافع في كافة المجالات.
[email protected]